دواسر

يقول الشيخ حمد الجاسر في كتابه جمهرة الأنساب ص 237 : هي قبيلة كغيرها من القبائل العربية الكبيرة – مؤلفة من فروع لا يجمعها جدُّ واحد .فقد كانت بلادها عند ظهور الإسلام من منازل بني جرم من قضاعة ، فكان الوادي يعرف بعقيق جرم ، فامتدت فروع من قبيلة عقيل بن عامل من قيس عيلان من عدنان ، فزاحمت جرماً في بلادها ، فعرف الوادي – أيضاً بعقيق بني عقيل .وفي عصور مجهولة – في العهد الإسلامي – نزحت فروع من الأزد ومن همدان من فحلت في الوادي ، منها من همدان من مرهبة الدوسر – واحدهم دوسري ، وكن لهؤلاء ذكر وشهرة – على ما جاء في الجزء العاشر من كتاب –الإكليل– للهمداني .أما الأزديون فإن خبر عامر (الملطوم) الذي لا يزال بعض سكان الوادي من الدواسر يتناقلونه – من الأخبار المشهورة عند قدماء المؤرخين ، وقد ذكره بهذا الإسم منهم العالم اليمنيُّ نشوان بن سعيد الحميري في كتابه اللغوي –شمس العلوم– .وهناك فروع من قبائل عدنانية انضوت تحت اسم الدواسر ، فأصبحت معدودة منها وهذا ما يتناقله المعاصرون حتى الآن ، وخاصة بالنسبة إلى التغالبة (تغلب) ، ولكن ليس كل ما يتناقل العامة من الأخبار صحيحاً ، فهم – من قبيل المثل ، يعدون بني صهيب من تغلب ، وقدماء علماء الأنساب ذكروهم من بني قشير من قيس عيلان من مضر ، من سكان الأفلاج القدماء .ومما ذكره المتقدمون أيضاً أنَّ الدواسر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم سكان شرق الجزيرة بعد ظهور الإسلام ، ونقل صاحب –تاج العروس– أنَّ بني سعد كانت تلقب في الجاهلية دوْسر ، وذكروا أنَّ للنعمان ملك العرب في الحيرة بأطراف العراق كتيبة تعرف باسم (الدوسر) من تغلب وغيرهم .ورأيت في الأوراق التي وجدت في أوراق الشيخ صالح العثمان القاضي المتوفي سنة 1350 والتي تكرر النقل عنها ، والرمز إليها بحرف (ق) ما هذا نصه : المعروف عند من له معرفة من الدواسر في أنسابهم أن أولاد بدران بن زايد اثنان : سالم وصهيب .وأولاد سالم ثلاثة : ودعان جدّ الوداعين ، ومانع جد المخازيم ، ورجب جدّ الرّجبان .وأولاد صهيب أربعة : جريّ جد المساعرة وآل بريك وآل (بو زمام) ، وحسن موسى وعيسى .وأولاد حسن بن صهي ثلاثة ، وهم : شكر وعمّار وفرج .وكل واحد منهم جد قبيلة .فشكر جدّ الشُّكرة ، وهم آل (بو علي) والجعاثنة والغرابا والمفارحة – بالحاء المهملة – والجرووه (كذا) والبردة والحنابجة .وأما عمّار بن صهيب فهو جد آل عمّار ، وهم آل قينان ، والنشير ، وآل مبارك ، والشواهين ، وآل بتير ، والسواحلة ، والدغمة .وآل فرج بن صُهيب فهو جد الفرجان ، وهم : الصخابرة ، والهواملة ، والهواشلة ، والخضران ، والوبارين ، والحراجين ، والعجالين أهل ليلا ، وآل حمدان ، وآل (بوراس) والحداجين ، وآل حجي .وأما موسى بن صهيب فهو جد الغييثات .وأما عيسى بن صهيب فهو جد الشرافا .ويقولون إن أولاد حسن بن جري بن صهيب اثنان سباع ، جدّ آل (بو سباع) وحسن جد آل (أبا الحسن) عشيرة ابن قويد .ويقولون : إن الخييلات والمشاوية والعمور والحقبان ، والمصارير أنهم من تغلب. وأنهم يجتمعون مع الدواسر في دوسر ، فالله أعلم . انتهى.ومع إحكام هذا التفريع لأفخاذ الدواسر وبطونهم إلا أنه لا يتفق مع ما هو معروف من عدم صلة الأبوة وقرابة النسب بين تلك البطون فلا يزال بعض الدواسر أنفسهم ينتسبون إلى تغلب العدنانية ، مع اتفاقهم على أنَّ الأصل في قبيلة الدواسر يرجع إلى الأزد القحطانية.والحديث في إرجاع كل فرع من فروع القبائل العظيمة في هذا العهد ، عديم الجدوى ، لعدم المصادر التي يصح الاعتماد عليها .وهذا لا يختص بالدواسر ، بل يعمُّ جميع القبائل العربية في الجزيرة ، باستثناء قبائل صغيرة لم تغادر مواطنها القديمة ، ولم يخالطها أحدٌ في سروات الحجاز خاصة .وكانت جريدة –الجزيرة– التي تصدر في مدينة الرياض قد نشرت في عددها الصادر في يوم الجمعة 11 رجب 1401هـ حديثاً لأحد أهل المنطقة الشرقية فُهم منه أن الدواسر في المنطقة الشرقية لا صلة لهم من حيث النسب بالدواسر ، سكان الوادي المعروف بهم ، فأثار استنكار الدواسر في المنطقة ، فكتب الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري في تلك الجريدة في عدد يوم الأثنين 21 رجب سنة 1401هـ مقالاً مطولاً يستنكر ما جاء في ذلك الحديث ويقول : إننا ننتمي إلى العمور ، من الدواسر ولي في ذلك دليلان أولهما أن العم محمد بن راشد الدوسري قد أوقف وقفاً في عام 1354 وأسماه وقفاً لوالدي راشد بن جبر الدوسري العمري ، وأعرض مع هذا صورته (ونشرت الجريدة الصورة)والدليل الآخر ما ذكره الشيخ حمد الحقيل في كتاب –كنز الأنساب– ص 130 – الطبعة الخامسة.إلى أن قال : (فنحن كتلة واحدة أصلنا من الوادي ، وأبناء عمومة) .ونشرت الجريدة أيضاً في يوم الثلاثاء 22 رجب 1401 مقالاً بتوقيع محمد بن يوسف الدوسري قال فيه : (فدواسر المنطقة الشرقية يعود أصلهم إلى الوادي) ونقل نصوصاً من كتاب –دليل الخليج– مؤلفه لوريمر الإنجليزي منها (ص 3727) : أقام الدواسر فيها عدة سنين (يقصد جزيرة الزخنونية الواقعة على بعد عشرة أميال في الجنوب الشرقي من العقير) عند هجرتهم من نجد إلى البحرين وفي ص 576 : (دواسر البحرين هاجروا من نجد ، بينما تحولوا نحو الشرق تدريجياً ، بعد أن قضوا سنين عديدة في الطريق ، عند جزيرة الزخنونية ، وأخيراً وصلوا إلى البحرين عام 1845م وحوالي ثلاثين عائلة من القبيلة يقيمون في الدوحة في قطر ، وربما نفس العدد يقيم في الكويت ، وتوجد شعب من دواسر البحرين في منطقة الساحل الإيراني – إلى أن قال نقلاً عن ذلك الكتاب : وبعض هؤلاء في البحرين ينتمون إلى قسم يعرف بالدموخ الذين يذكرون أنهم ينتمون إلى حسن ، من نفس القبيلة وذكر الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري أن الدواسر نزحوا من البحرين يوم 27/11/1341هـ إلى الخبر والدمام وأوضح سبب نزوحهم في جريدة –الجزيرة– (العدد 3205 يوم الأثنين 21 رجب سنة 1401هـ) انتهى .ومما يعترض الباحث مما لا يجد له مصدراً ملخصاً يعوَّل عليه تحديد أزمان انتقال فروع القبائل من بلادها القديمة ، وتفرّقها ، فمع أن مواطن الدواسر المعروف الآن هو واديهم الذي عُرف بهم – إلا أن كثيراً من فروعهم انتشروا في نجد ، في سدير ، وفي القصيم – غير الفروع الكثيرة في شرق الجزيرة .ويرى الشيخ عبد الله البسَّام في كتابه –علماء نجد– أنَّ من المعروف أن جميع بطون وأفخاذ الدواسر المنتشرة في مدن وقرى نجد ، ترجع إلى جدَّ واحد ، هو غانم بن ناصر بن ودعان بن سالم بن زايد بن زياد بن سالم بن وداعة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس من الأزد .وبصرف النظر عن سلسلة هذا النسب فرأي الشيخ عن رجوع الفروع إلى أصل واحد له ما يقويه وخاصة الوداعين – أي بالنسبة لمن ينتسب إلى ودعان من تلك الفروع .أما المنتسبون إلى (البدارين) ممن لم يرد لهم ذكر في كلام الشيخ فهم على ما يتناقله النَّسابون أبناء بدران بن زايد ، وبدران على قولهم له أبنان سالم وصهيب ، وسالم هو أبو ودعان ، ومنهم أسر كثيرة شهيرة معروفة.ويظهر من تتبع أحداث الأسر الدوسرية في نجد – على قلَّة ما دون منها – أن تاريخ انتقال أول من عرف منها إلى نجد ، لا يتجاوز خمسة قرون ، مع عدم الجزم بتحديد الزَّمن .

المصدر :
كتاب : انساب الاسر والقبائل في الكويت
تأليف : د. احمد عبدالعزيز المزيني
الصفحة : 0

,