أول من رأيته ذكر هذه القبيلة ابن فضل الله العمري، صاحب كتاب مسالك الأبصار في القسم المتعلق بذكر قبائل العرب في عهده وهو ممن عاش في آخر القرن السابع وأول القرن الثامن، فقد ورد في ذلل الكتاب ما نصه : وظفير من بني لأم، ومنزلهم الظغن، قبالة المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وقد يكون نقل هذاعمن عاش في عصر قبل عصره.ومع ايجاز ما ذكره إلا أنه أوضح أمرين هامين، بالنسبة لهذه القبيلة:أولهما : صلة نسبها ببني لأم، وهؤلاء من طيء باتفاق النسابين.والأمر الثاني : بلادها، وهو الظغن، وهو أطراف الحرار الشرقسة الموالية لبلاد بني لأم، الذين كانت بلادهم تقع غرب الجبلين، في غوطة بني لأم، والظغن يقع غرب هذه الغوطة، يفصل بينه وبين المدينة الحرار حرة فدك ( الحايط ) وحرة خيبر، وتلك البلاد قبالة المدينة، وبقربها.ولقبيلة الظفير _ إبان قوتها منذ القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر الهجري _ معارك وحروب في بلاد نجد، مع قبائل أخرى، لا يتسع المجال لتفصيلها، ولم تستطع تلك القبائل إخضاعها حتى قامت دولة آل سعو الأولى فأخضعتها، حتى ألحأتها _ بعد إضعافها _ إلى التمزق ومغادرة الجزيرة إلى نواحي العراق.ومعروف أن أية قبيلة تبلغ درجة من القوة والمنعة، ينحاز إليها من فروع القبائل الأخرى من هو أضعف منها، وهكذا قبيلة الظفير، فقد ورثت قبيلة طيء حين هاجرت من الجزيرة في عهد مبكر، ورثت بلادها، وانضم إليها بعض من بقي من فروعها، وفروع من قبائل أخرى منهم بنو حسين من أشراف الحجاز.ثم أدركها الضعف في آخر أمرها.قال ابن لعبون : بنو لأم الذين منهم آل ظفير، وآل مغيرة، الذين منهم الملوك الشهيرة والبطون الكثيرة، وقد انقرضوا إلا النادر في الحاضرة، والمندرج في البادية، ومنهم آل كثير والفضول. انتهى.وقال الشيخ عبدالله البسام عن الظفير : وقد اختلف فيمن يرجعون إليه، فقال القلقشندي وابن لعبون : الظفير من بني لأم، وقال عبدالله بن محمد البسام، ومحمد بن خليفة النبهاني ومجلة لغة العرب العراقية : إنهم مؤلفون من قبائل شتى.وأقول : الذي يترجح عندي أن أصلهم من بني لأم والتحق بهم بالحلف بطون وأفخاذ وأفراد من قبائل شتى، فهذه عادة القبائل، القليل أو الضعيف يقوي نفسه باللحاق بقبيلة أقوى أو أكثر منه، أما أن تجمع عناصرها كلها من القبائل، فهذا لم يحدث كما نستل على ذلك من منازلهم في نجد واتجاه مسيرهم، فقد كانت معاركهم مع قبيلة عنزة وغيرها في شمال نجد كالكهفة الواقعة بين القصيم وحايل ثم كانت المعارك في القصيم، فكانت معركة من المعارك في الضلفعة عام854هـ .وكان من مساكنهم السويطي أحد أحياء مدينة عنيزة المنسوب إلى شيوخهم _ آل سويط _ وقد جاء يداعي فيه من مدة قريبة أحد شيوخهم.ثم زحفوا من الشمال والغرب إلى الشرق فصارت المعارك تقع في السر _ وكان من تلك المعارك مناخهم مع عنزة عام1031هـ حين قتل زعيمهم فدغم بن سويط.ثم أخذنا نسمع أخبارهم تصدر من بلدان وادي حنيفة، فهذا زعيمهم الكبير سلامة بن مرشد بن سويط _ يقيم في الجبيلة ويموت فيها عام 1113هـ حتى إذا جاء عام 1156هـ قال خال والدي الشيخ عبدالله بن محمد البسام : ( في هذه السنة ارتحل الظفير من نجد، وجاءوا إالى البصرة وأقاموا في ناحية العراق ) . انتهى .فمن هذا التتبع عرفنا منازلهم من نجد وزمنهم فيها . انتهى.ولم يشر الشيخ ابن بسام إلى أن تاريخ الظفير في بلاد نجد لم ينته حيث ذكر خاله_ سنة1156_ بل جرت لهم معارك في السنوات ما بينها وبين 1219 منها :فس سنة1157 _ أنهم أخذوا قوافل عنزة، على رماح وقتلوا عدة رجال _ على ما ذكر خاله نفسه .سنة1166 قال ابن بشر : وقعة ( السنبلة ) وهو موضع معروف بين بلد الزلفي والدهناء، وهذه الوقعة على الظفير من بني خالد، وذلك أن بني خالد ساروا إليهم وقائدهم عبدالله بن تركي بن محمد ابن حسين آل حميد، فواقعوهم وصارت على الظفير هزيمة وأخذوا عليهم نعما كثيرة وقيل انها بعد دخول السنة السابعة. انتهى.وقال ابن بشر أيضا : في سنة 1173 سار عبدالعزيز بجميع رعاياه وصبح آل عسكر من الظفير على الثرمانية وهي ماء معروف قرب بلدة رغبة، وأخذ كثيرا من حلالهم وغنم منهم إبلا كثيرة وقتل من الأعراب عشرة رجال . انتهى.وقال ابن بشر وغيره: سنة1178 فيها كانت الوقعة المشهورة على حماد المديهيم ومن معه من السعيد الظفير، سار إليهم عبدالعزيز رحمه الله تعالى ومعه غزو أهل الرياض مع دواس بن دهام فأغار عليهم وهم على جراب ماء معروف بين سدير والدهناء فاستأصل جميع أموالهم وقتل منهم نحو الثلاثين رجلا وقتل على الغزو رجال منهم المغيليث وركاب الغزو لا تزيد على المئة والثلاثين. انتهى.وقال ابن بشر : وفي سنة 1185 سار عبدالعزيز من الدرعية غازيا يريد منيخ فلما وصل إلى بلد حريملا ذكر له غزو لآل ضويحي، رؤساء الظفير في غيانة الموضع المعروف بين حريملا وسدوس، فكر راجعا، وقصدهم فجمع الله بينهم وحصل بينهم قتال، وقتل عبدالعزيز عليهم عدة رجال منهم وهق بن فياض. وقال ابن بشر أيضا : وفي سنة 1195 اجتمعت قبائل الظفبر وغيرهم على محسن بن حلاف رئيس السعيد وقبيلته ودهام أبا ذراع وقبيلته الصمدة، وغيرهم الجميع سبعة أسلاف، ونزلوا على مبايض الماء المعروف بمجزل قرب سدير، فسار سعود إليهم بالجنود المنصورة من الحاضر والباد فلما أشرف عليهم استكثرهم فرجع إلى أرض بلد تمير في طرف مجزل، واستنفر أهل سدير ركبانا ومشاة فنفروا إليه مسرعين فنازل تلك العربان على مائهم وتقاتلوا قتالا شديدا ثم أدال الله المسلمين عليهم فانهزم جميع تلك البوادي وولوا مدبرين، فغنم المسلمين منهم غنائم عظيمة واستأصل سعود أكثر أكثر أموالهم وحازها فلأغنام نحو سبعة عشر ألفا والأبل خمسة آلاف ومن الخيل خمس عشر فرسا، وحاز جميع ما في الحلة من الأثاث والأمتعة وقتل منهم قتلى كثيرة من الفرسان والرجالة ، منهم دهام أبا ذراع ةثواب بن حلاف وغيرهم. انتهى.وفي سنة 1220 _ أغار سعود بن عبد العزيز على عربان الظفير، وأخذ كثيرا من إبلهم وجميع أغنامهم_ على ما جاء في كتاب تحفة المشتاق، ولعل هذه الغارة هي التي ذكرها ان بشر من قبل سرية من سرايا سعود في فليج على غزو منهم إذ قبلها سنة1219 غزاهم سعود فشتت شملهم فتفرقوا و (هثل من هثل منهم في نجد) كذا عبر ابن بشر.ولعل من آخر المعارك مع الظفير، ما جرى بينهم وبين الأمام عبدالله الفيصل، وذلك بعد خروجهم من نجد بزمن طويل، فقد سار إليهم سنة(1283هـ) وهم على شقراء _ في الهور في أطراف العراق _ فسبقه النذير، فانهزموا فأخذ لهم إبلا وغنما _ على ما ذكر ابن عيسى في عقد الدرر.هذا طرف من أخبار معارك الظفير في نجد.ولهم قبل ذلك مناوشات مع أشراف الحجاز، ولا يعني الباحث _هنا_ سوى معرفة الأسر التي تنتسب إلى الظفير. وقد ذكرهم الشيخ عبدالله البسام، فقال:الظفير: في نجد ينقسمون إلى بطنين الأول الصمدة _ والثاني آل بطون.وتنقسم الصمدة إلى أكثر من اثنى عشر فخذا لكل أمير.كما ينقسم لآل بطون إلى نحو عشرة أفخاذ لكل منهم أمير.أما شيوخهم آل سويط فبنقسمون إلى ثلاثة بطون هم آل سلطان وآل غضبان آل ضويحي.وبعد أن ارتحلت قبيلة الظفير من نجد إلى العراق خلفت بعض الأسر حاضرة في بلدان نجد منهم:آل فدا في أشيقر وبريدة وسدير والزبير، وآل قاسم وآل مقحم وآل سيف كلهم في أشيقر، وآل عليان وآل محارب كلاهما في القصب من آل السعيد من الظفير، الصباعا وأل مزعل كلاهما في عنيزة من الظفير ، وآل عمرو من الظفير ، وآل سلطان في البكيرية، وآل منصور في الخبراء، وآل مزيد في بريدة وعنيزة، وآل جليدان وآل عامر بن جليدان ومنهم الشيخ عبدالله بن عمرو المشهور، وآل عسكر أهل الخرج من الظفير، انتهى.وسيمر بك ذكر هاؤلاء وغيرهم ممن ينسب إلى هذه القبيلة.
المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 475
,