تميم

القبيلة العظيمة ، التي تغنى شهرتها عن الحديث عنها .قد انتشرت بطونها واسرها المتحضرة في اقاليم نجد في سدير وفي الوشم ، وفي الفرع (حوطة بني تميم ونواحيها) وفي بلاد الجبلين ، وغيرها من البلاد .ولسعة فروع هذه القبيلة وكثرتها كثر المنتسبون اليها حتى قيل في المثل : (من ضيع اصله قال انا تميمي) وقد يقال هذا المثل عن قبائل اخرى : (من ضيع اصله حرب) وهكذا بالنسبة لكل قبيلة عظيمة يرغب في الانتساب اليها ، ولكن فروع بني تميم في بلاد نجد محفوظة النسب .قال ابن لعبون في تاريخه – في الكلام على بني تميم :منهم قبائل في جبل طيء وقبائل في نواحي العراق والبصرة ، واختلطوا باهل السواد والجزائر وخلطهم غيرهم فالله اعلم هل هم من تميم هاؤلاء او من تميم يذكر في نسب طيء او من غيرهم .ودخل فيهم من ليس منهم الا تميم نجد واليمامة فانهم محفوظ نسبهم ، في اوطانهم .والصريح منهم المجتمعون على احسابهم وانسابهم في نجد :اهل قفار الذين انخزل منهم المزاريع اهل روضة سدير ، الذين منهم راجح جد آل ماضي ، وسعيد جد رميزان ، وهلال جد آل ابي هلال ، ومنهم آل مفيد قدموا مع مزروع الى سدير .والقبيلة الثانية اهل القارة وبلدانها في سدير .والثالثة آل عرينة اهل الغاط واهل رغبة .والرابعة آل منعات الذين منهم آل عشيرة اهل عشيرة .والخامسة العناقر الذين منهم آل ناصر اهل ثرمداء ، وآل جار الله اهل مراة ، وآل فريح المعروفون بالفرحة ، وآل عليان من آل بريدي وحجيلان اهل بريدة ، والمناقير في سدير والفقهاء في ضرما .والسادسة الوهبة اهل اشيقر وقد تفرقوا في بلدان نجد .والسابعة النواصر .والثامنة اهل الحوطة الذين في برك ونعام قيل : انهم درجوا من قفار الى قارة سدير ، واستوطنوا فيها ، ثم درجوا بعد ذلك الى هذا الذي هم فيه وهو الملقا والحلوة وبريك . هؤلاء المضبوطون من حاضرة تميم . انتهى كلام ابن لعبون .وسيمر بك في هذا الكتاب ذكر المشهور من فروع هذه القبيلة .ان الباحث في الانساب لا بد له من معرفة منازل القبيلة وفروعها في اقدم العهود المعروفة ، وفي العهد الذي يبحث عن انسابها فيه ، ليتمكن من المقارنة بن منازلها قديما وحديثا ، ولكي تتضح له طريق انتشارها .ومع اختلاط القبائل في المنازل منذ عهد قديم كان من الاسباب التى تجعل البحث في هذه الناحية قليل الجدوي ، لجهل منازل كثير من فروع تلك القبائل ، الا ان المؤلفات القديمة ككتاب ((بلاد العرب)) للغدة الاصبهاني و ((صفة جزيرة العرب)) للهمداني و ((معجم البلدان)) لياقوت و ((معجم ما استعجم)) للبكري وغيرها حفظت لنا ثروة نافعة في تحديد منازل جل سكان الجزيرة ، مع ذكر ما لبعض فروع تلك القبائل من اماكن ، كما وردت فيها اشارات – وان كانت موجزة – عن تنقلها ، ذات فائدة كبيرة .ومن المعروف ان قبيلة بني تميم كانت تحل اوسع رقعة في الجزيرة عند ظهور الاسلام ، وان التحضر بداها في عصر مبكر بالنسبة للقبائل الاخرى .وتنقل القبيلة وان استمر الى العهود القريبة الا ان هذا الامر يختص غالبا بالبادية ، اما الحاضرة فالاستقرار اساس لحياتهم ، واذا اضطر احد منهم – اضطرارا فانه ينتقل – في الغالب – الى مكان تتهيأ له فيه وسيلة استقرار ، بجوار احد يأمن بجواره ، وكثيرا ما يختار اقرباءه .وموضوع تموج القبائل العربية داخل الجزيرة من السعة والشمول بحيث يحتاج الى دراسات عميقة وشاملة .والاكتفاء بلمحة موجزة عن منازل بني تميم قديما وحديثا امر لا بد منه .لقد كانت منازل القبيلة في القديم – واعني المتحضر منها تنتشر في اقاليم الوشم وسدير ، وشمال القصيم الى قرب بلاد الجبلين ، حيث يعد من قراهم زنقب والقوارة والهدية وضارج (ضاري) والحناظل والجعلة ، بل كان وادي الاجفر – اسفل الجبلين – من بلاد بني يربوع حتى ازالتهم عنه بنو اسد .اما في سدير فجل قراه لبني تميم – ومنهم الرباب وبنو ضبة الذين دخلوا فيهم لصلة القرابة .هذا بالنسبة للبلاد التى يتناول هذا القسم من الكتاب الحديث عن سكانها ، اذ من المعروف ان من بلاد بني تميم من يبرين جنوبا الى كاظمة شمال الكويت شمالا ، وفي هذه النواحي كانت لهم قرى معمورة كثيرة في وادي الستارين وغيره .ولكن هذا لا يدخل ضمن هذا البحث .والوشم من بلاد بني تميم واخوتهم الرباب من عكل وغيرهم .ولا تزال اسر كثيرة من القبيلة الان تحل هذه البلاد .ولكن يعترض الباحث امور :منها انتشار كثير من اسر القبيلة في بلاد الجبلين ، وهي بلاد ما كانت الاسر المتحضرة التميمية تتوغل فيها ، وان كان بعضها يحل بعض القرى الواقعة شمال اقليم القصيم ومنها النبقة (النبقية) والجعلة وضارج (ضاري) .ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل ان كثيرا من الاسر التميمية تتناقل من تاريخها ان اوائلها انتقلوا من قفار البلدة الواقعة في سفح جبل اجا ، ومن هاؤلاء آل حماد الذين هم اصل فروع كثيرة من بني تميم في سدير وحوطة بني تميم وغيرهم ممن ينتسب الى بني العنبر بن عمرو بن تميم .مع ان بني العنبر كانوا منذ العهد القديم من سكان سدير ، بل ان حمادا هذا الجد الذي تنتمي اليه تلك الفروع كان من اولئك السكان على ما في كتاب ((صفة جزيرة العرب)) ونصه : (والفقي لآل حماد من تميم) وذكر في موضع آخر قارة بني العنبر ، ومواضع في الفقي – الذي هو اقليم سدير – لهم ، ومؤلف الكتاب من اهل القرن الرابع الهجري ، وهو ينقل عمن هو اقدم من عهده ، لانه ليس من اهل هذه البلد ، ولهذا فهو يتلقى معلوماته من غيره . وها هو نص ما هو متناقل ومعروف عن انتشار بعض الاسر التميمية في منطقة سدير .اورد الامير تركي بن ماضي في كتاب ((تاريخ آل ماضي)) نص كتاب بعث به جده تركي بن ماضي الى على بن فواز وابراهيم بن مرشد في حوطة بني تميم ، بتاريخ 12 شوال سنة 1285 جاء فيه عن آل مرشد ، وعن آل فواز : جدهم محمد بن سعود الملقب هميلان ، القائل من قصيدة مطلعها :دع الهون للهزلى ضعاف المطامع وشم للعلا بالمرهفات اللوامعالى ان قال :صحيت بصبحا بعد مانامت الملا بشبان امضي من ليوث الشرايعوصبحا قارة مرتفعة في راسها قليب وقصر خراب ,وسبب نزول هميلان الحوطة ان العبادلة استنصروا به في حرب جرت بينهم وبين عايذ فاتاهم من سدير . فتعدى بعض بني تميم في غيبته على ابنه وعشيرته الدنين واجلوهم هم وجد آل ماضي وجد اهل عشيرة وجد اهل الجبل .وهؤلاء ذرية حماد بن الحارث بن عمرو الندا الذي قال فيه حميدان الشويعر :الى ابن كاضي رفيع الثنا من ذرية عمرو الندا مفخرهوعمر الندا من ذرية عبدلله بن المنذر الذي قتل في وقعة الحديقة في مسيرة خالد الى اليمامة وهو رجل مشهور ذكره ابن هشام في سيرته ، ويقول فيه رميزان :لنا مفخر بالاصل عمرو ومنذر الى قدموا عند الفخار العشايرومن قول عبدالعزيز بن ماضي :ترى فرعهم يا ذا حسين ومرشد كرام اللحا عند اختلاف الهشايلكذا مرشد اخا حميد وحارث والاصل حماد لكل القبايلهذا ملخص ما جاء في ذالك الكتاب .ولا يعني القاريء ما جاء في الكتاب عن (عمرو الندا) واقحام ((سيرة ابن هشام)) في الموضوع ، اذ هذا مما تتناقله العامة بدون تحقيق . والذي يعنية ما ذكره مؤرخو نجد من كون كثير من الاسر التميمية المعروفة الان في اقليم سدير كانت في بلدة قفار الواقعة في سفح جبل اجا ، ثم انتقلت الى سدير :قال ابن بشر : وفي سنة سبع وخمسين والف ، سار زيد بن محسن امير مكة الى نجد ، ونزل الروضة البلدة المعروفة في سدير ، وقتل رئيسها محمد بن ماضي بن محمد بن ثاري وفعل ما فعل من القبح والفساد . وولى فيها رميزان بن غشام من آل ابي سعيد ، واجلى عنها آل ابي راجح . وماضي هذا المذكور جد ماضي بن جاسر بن ماضي بن محمد الحميدي التميمي . اقبل جدهم الاعلى مزروع من قفار البلدة المعروفة في جبل شمر ، هو وابن مفيد التميمي ، واشترى هذا الموضع في سدير واستوطنه وتداولته ذريته من بعده ، واولاده سعيد وسليمان وهلال وراجح وصار كل ابن من بنيه جد قبيلة . انتهي .ولا تزال الاسر التى تنتمي الى هؤلاء الرجال معروفة ، يتناقل افرادها خبر الانتقال من قفار الى سدير .افترى انه حدث لبعض اجدادهم في الزمن الماضي ما اضطره الى مغادرة وطنه الاول سدير الى (قفار) ثم بعد ذلك كانت العودة ؟ هذا ما تشير اليه عبارة (فتعدى بعض بني تميم في غيبته على ابنه وعشيرته الادنين واجلوهم) الوارده في كتاب ابن ماضي .ولكن لماذا لم يلحقوا بابناء عمهم الذين ذهب هميلان لنصرتهم .ولماذا اختاروا بلدة (قفار) واهل تلك النواحي – على ما هو معروف – لا تربطهم بالتميميين صلة النسب ؟ .لا مخرج من هذا الا بافتراض فقدان حلقة من تاريخ انتشار بنى تميم في بلاد الجبلين ، في عهود متقدمة . وانتشار الاسر التميمية في تلك البلاد يؤيد هذا الافتراض .فمن بلدة قفار انتشرت تلك الاسر في سفوح جبلي سلمى ورمان ، في وادي السبعان ، وشرا وغضور ، وفي الجفن والروضة والمستجدة ، الى السليمي وسميرا .وسيمر بالقارئ من اسماء الاسر التميمية مع ذكر قراها ومواقعها ما قد يهئ له مواصلة التعمق في الدراسة والبحث . ومجمل القول ان حاضرة بني تميم تنتشر الان في بلاد كانت تحلها القبيلة عند ظهور الاسلام ، في الوشم ، وفي سدير ، كما انتشرت في بلاد اخرى لم تكن من بلادها في العهود القديمة في سفوح جبال العارض (طويق) الجنوبية ، على ضفاف وادي بريك ، وما حوله ، حيث حوطة بني تميم وقراها .وفي بلاد اخرى في الشمال ، قاربت اطرافها قديما ثم انكمشت عنها ، ولكنها في عهود مجهولة انتشرت فيها ، وما زالت ، في بلاد جبلي طئ ، اجا وسلمى وما حولها .

المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 65

,