مقرن هو الجد الثامن لمليك البلاد الفدى ، ولاخوانه الغر الميامين . فهد بن عبدالعزيز بن عبالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن .واليه تنمىالاسرة السعودية الكريمة وكان الملك عبدالعزيز ـ قدس الله روحه ـ كثيرا مايعتزي قائلا : (انا ابن مقرن) ! !ومقرن هو ـ كما هو معروف ـ ابن مرخان بن ابراهيم بن موسى ابن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي ، من المردة .ومانع ـ على ما ذكر مؤرخو نجد ـ عاش في النصف الثاني من من القرن التاسع عشر الهجري ، وقد تقدم الكلام عن المردة ، وانهم من بني وائل .ويحسن بسط القول في وائل لان كثيرا من الاسر النجدية ـ حاضرة وبادية ـ تنسب اليه .وائل جذم عظيم من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، وتنتمي اليه فروع معروفة من قبيلة عنزة ، واسر كثيرة في نجد ، اشهرها الاسر السعودية الكريمة ، فهي ـ بإجماع مؤرخي ـ من المردة .والمردة من المصاليخ ، والمصاليخ من بني وهب ، من ضنا مسلم من عنزة .وقال ابن لعبون في تاريخه في الكلام على نسب آل مدلج : عند ذكر وايل ، وان من وايل بني وهب ـ قال : وكان لوهب ولدان هما منبه ، وعلي ، وعلي جد ولد علي المعروفين اليوم .ولمنبه ولدان هما حسن جد الحسنة وصاعد جد المصاليخ .ولصاعد ولدان يعيش ، وقوعي . انتهى .ولكن اسم (عنزة) لايرد في سلسلة النسب السعودي الكريم ، من وائل الى نزار بن معد بن عدنان ـ اذ وائل هو ابن قاسط بن هنب ابن افصا بن دعمي بن جديلة ، بن اسد بن ربيغة بن نزار بن معد ابن عدنان .وعنزة هو ابن اسد بن ربيعة بن نزار ، فوائل وعنزة يجمعهما ربيعة ، فكيف صار الانتساب لعنزة ، من قبل كثير من الوائليين ، وليس جدا لهم ؟ .وهذا مما سئلت عنه كثيرا ، ووجدته كثيرا بين قبائل العرب قديما وحديثا .وايضاحه ان من عادة العرب اذا اشتهر فرع من فروع القبيلة التي يجمعها اصل واحد ، فان بقية الفروع تنتسب الى ذالك الفرع ، ومثل هذا في القبائل المعاصرة مثل قبيلة شمر ـ فقد كان هذا الاسم يطلق على فرع قليل من العدد ، من قبيلة طيء ذات الفروع الكثيرة الشهيرة ، غير ان اكثر تلك الفروع غادرت الجزيرة سوى فرع شمر ، وفروع قليلة من طيء ، انتسبت الى شمر فيما بعد ، فأصبحت فروع طيء في نجد داخلة في فرع شمر ، وان لم يجمعهما في هذا الفرع سوى الجد الاعلى ، وهو طيء ، الذي انحصر في فرع صغير من فروع تلك القبيلة يعيش في العراق .وهذا الامر تدفع اليه الحياة التي كانت قبائل العرب تحياها داخل الجزيرة ، فهي بحاجة الى حالة من العصبية لكي تحمي نفسها قبل استتباب الامن في هذه الربوع ، بقيام الحكم السعودي الميمون فيها .وقل مثل هذا في ربيعة الجذم العظيم من العرب العدنانية فقد تفرعت منه قبائل كثيرة ، منها بكر ووائل ، وعنزة ، وعبد القيس اهل البحرين (المنطقة الشرقية الان) والنمر ، ومن وايل : بنو عنز ، الذين دخلوا في قبائل عسير ، في جنوب الجزيرة ، وبنو حنيفة الذين استقروا في واديهم منذ عصر ما قبل الاسلام الى عصرنا الحاضر ، حيث لاتزال اسر كثيرة في قرى هذا الوادي من حنيفة .وفروع اخرى من بني وائل وغيرهم في نعام والافلاج نواحيهما ، ولكن جل الفروع هاجرت من الجزيرة ، ولم يبق فيها من ربيعة من البادية سوى فروع يسيرة منها : عنزة في حرار خيبر ونواحيها .ومنها بنو حنيفة في واديها ، يجاورهم اناس متحضرون من ابناء عمومتهم من بني بكر بن وائل ، في الوادي وحوله وفي جنوب العارض .وتحضر القبيلة يفقدها اهم وسائل القوة التي كانت تتخذ منها القبائل البدوية ابرز مميزات البداوة ، وهي الانتماء الى العنصر ـ الاصل ـ الذي به تحافظ على بقائها ، وحدة متماسكة ، وكانت قبيلة عنزة هي القبيلة التي بقيت داخل الجزيرة متمسكة ببداوتها وبمميزاتها القبلية ، ولهذا فلا بد من الفروع التي تمت اليها بصلة ، من بني وايل من الانتساب اليها ، حتى وان كانت من قبيلة اشهر منها كقبيلة بني حنيفة ، التي استطاعت ان تحمي نفسها في واديها ، وهي تعيش بين قبائل اكثر منها عددا ، واقوى عصبية كبني تمي ، وقيس عيلان ـ كما قال الشاعر الحنفي الجاهلي موسى بن جابر :وجدنا ابانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزرورابية اما العدو فحولها مطيف بنـــا مثل دائــــرة المـــهــرفلما نأت عنا العشيرة كلها اقمنا وحالفنا السيوف على الدهرفما اسلمتنا بعد في يوم وقعة ولا نحن اغمدنا السيوف على وتروقول الله اجل واولى ـ في وصف بني بني حنيفة ـ : ((قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولى بأس شديد تقاتلونهم او يسلمون)) (سورة الفتح الاية 48) .ومع ذالك كان لابد لهم من الاعتزاء الى احد فروع القبيلة التي يجمعهم بها الجد الاعلى هو ربيعة ، وهذا امر متعارف بين العرب قديمهم وحديثهم .قال البلبيسي في كتابه الذي جمع فيه كتابي ابن الاثير والرشاطي في الانساب ، في الكلام على الغفاري : ومن الصحابة رضي الله عنهم الحكم بن عمرو وساق نسبه الى نعيلة بن مليل بن ضمرة بن بكر ، وقال : ونعيلة هو اخو غفار ، نسب الى اخي جده ، وكثيرا ما تصنع العرب هذا ، اذا كان اشهر من جده ، انتهى .وقال الحافظ ابن حجر في ((الاصابة)) ـ في ترجمة الحكم : وقد ينسبون الى الاخوة كثيرا انتهى ، وهذا من الامور المعروفة .لهذا فإن ما نقل الدكتور العجلاني عن الامير عبدالله بن عبدالرحمن من نسبة آل سعود الى حنيفة ، لايتنافى مع القواعد المعروفة عند علماء النسب قديما .فآل سعود من بني بكر بن وائل ، وبنو حنيفة من لجيم بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل ، ويجمع الفرعين اصل واحد بكر بن وائل ، ويجمعهما بعنزة جد واحد هو ربيعة .وما نقله مؤرخو نجد من ان المردة ـ اجداد آل سعود ـ من بني حنيفة له ما يبرره ـ عدا ما تقدم من صلة القرابة ، وهو ان بني حنيفة ما كانت لتمكن احدا من النزول في واديها ما لم يكن على صلة قوية بها ، والقول بأن ابن درع الذي كان في الوادي ابن عم للدروع الذين ينتمي اليهم مانع بن ربيعة الجد الاعلى للاسرة السعودية الكريمة ، لايتنافى مع القول بأن الدروع كانوا من بني حنيفة ، فنزح قسم منهم مع قبائل بكر بن وائل حين نزحت الى شرق الجزيرة ، ثم عاد منهم مانع بن ربيعة الى قومه في هذا الوادي .ولعل مما حمل بعض مؤرخي نجد من عدم تأييد قول الشيخ راشد ابن خنين ان المردة من بني حنيفة .1ـ ان الشيخ راشد ـ عفا الله عنه وشمله برحمته التي وسعت كل شيء كان من معارضي بعض آراء الامام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، وخاصة قصد الرسول صلى الله عليه وسلم بالزيارة ، خلاف ماهو الصحيح لدى محققي العلماء .2ـ ان بعض اعداء الدعوة الاصلاحية التي قام بها الامام محمد ابن عبدالوهاب ـ ونصرها ونشرها الائمة من آل سعود ـ اتخذ من اسم (حنيفة) وسيلة للتنفير من قبول تلك الدعوة ، فقد خرج من بني حنيفة مسيلمة الكذاب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصار الاعداء يضربون على هذه النغمة ، ويوردون اوهى الاسباب التي تربط بين قيام الدعوة الكريمة في هذه البلاد ، وبين القائمين بها وبين عمل مسيلمة الكذاب ، فكان من جراء ذالك تحاشي مؤرخي نجد ذكر الصلة بين بني حنيفة وبين الاسر السعودية الكريمة .وهل كان في عد ابي لهب من اعمام المصطفى عليه السلام ، وقد انزل الله في ذمه قرآنا يتلى على مر العصور والايام ، ما يزري بقدر المصطفى ؟ حاشا وكلا .وبالاجمال فآل مقرن اسرة وائلية النسب ، ربعية ، عدنانية ، بها اعز الله العرب ، ورفع شأنها ، فأضافت الى كرم المحتد ، وعراقة الاصل شرف الفعل ، ونبل الخلق .منذ ان قامت بمؤازرة الدعوة الاصلاحية التي عادت بالاسلام الى منابعه الصافية ، واصوله الصحيحة ، كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، ثم ارست قواعد العدل ، في هذه البلاد ، التي سعدت بحكمها ، وتوحدت بذالك الحكم كلمتها ، وعم الامن ربوعها ، وانتشر الرخاء في جميع اقطارها ـ مما اصبح مضرب المثل في جميع انحاء العالم ، واصبح الحديث فيه من فضول القول .وهاهو ما ذكره مؤرخو نجد كابن بشر وابن عيسى وغيرهما عن الاسرة الكريمة (آل مقرن) في اول امرها .قال ابن بشر : قدم ربيعة بن مانع من بلدهم القديمة المسماة بالدرعية عند القطيف قدم منها على ابن درع صاحب (حجر والجزعة) المعروفين قرب بلد الرياض ، وكان من عشيرته فأعطاه ابن درع المليبيد وغصبة المعروفين في الدرعية فنزلها وعمرها ، واتسع بالعمارة والغرس في نواحيها وزاد عمارتها ذريته من بعده وجيرانهم ، وذكر ان مانع المذكور كان مسكنه بلد الدروع من نواحي القطيف ، ثم انه تراسل هو ورئيس دروع حجر اليمامة بنو عم دروع القطيف ، لما بينهم من المراحمة ، فاستخرج مانعا من القطيف ، فأتى اليه في حجر ، واعطاه المليبيد وغصيبة المذكورين ، وهما من نواحي ملكهم ، فاستقر فيهما هو وبنوه ، وما فوق غصيبة لآل يزيد الى دون الجبيلة ، ومن الجيلة الى الابكين الجبلين المعروفين الى موضع حريملا لحسن ابن طوق جد آل معمر .ثم ولد لمانع المذكور ربيعة وصار له شهرة واتسع ملكه وحارب آل يزيد .ثم بعد ذالك ظهر ابنه موسى وصار له شهرة اعظم من ابيه وكثر جيرانه من الموالفة وغيرهم ، واستولى على الملك في حياة والده واحتال على قتل ابيه ربيعة فجرحه جراحات كثيرة ، وهرب الى حمد بن حسن ابن طوق رئيس العيينة ، فأجاره واكرمه لاجل معروف له عليه سابقا .ثم ان موسى سطا بالمردة وجميع من عنده من الموالفة على آل يزيد في النعمية والوصيل ، وقتل منهم في ذالك الصباح ثمانين رجلا ، واستولى على منازلهم ودمرها ، وكانت هذه الوقعة يضرب بها المثل في نجد فيقال (مثل صباح آل يزيد) وتشتت آل يزيد بعدها ، ولم يقم لهم قائمة واستمر موسى في الولاية .وتولى بعد موسى ابنه ابراهيم ، وكان لابراهيم عدة اولاد : منهم عبدالرحمن وعبدالله وسيف ومرخان ، فأما عبدالرحمن فهو الذي استوطن بلد ضرما ونواحيها وذريته آل عبدالرحمن المعروفين بالشيوخ ، واما عبدالله فمن ذريته الوطيب وغيره .واما سيف فمن ذريته آل يحيا اهل بلد الكباش المعروف .واما مرخان فخلف عدة اولاد منهم مقرن وربيعة .فاما مقرن فهو الذي من ذريته آل مقرن اليوم وخلف عدة اولاد منهم محمد وعبدالله جد آل ناصر وعياف ومرخان ، فاما محمد فخلف سعود ومقرن . انتهى .وقد تقدم الكلام على (آل مقرن) و (آل سعود) .
المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 799
,