مغيرة

فرع كبير من فروع الفضول من طيء ، نال من القوة ما دفع الفافا من القبائل المختلفة النسب تنضوي تحت اسمه ، وفي اخر الامر انفصل هذا الفرع من الفضول ، كبني لأم وآل كثير .وتسلسل تاريخ القبائل في نجد منقطع الحلقات منذ القرن الثامن فما قبله ، ولهذا فمن العسير على الباحث تحديد الزمن الذي انتشر فيه هذا الفرع في بلاد نجد ، ولكن من المعروف على وجه الاجمال ان نفوذ آل فضل ـ وآل مغيرة منهم ـ حيث كانت في القرنين السابع والثامن الهجريين منتشرة في نجد ، ولها السيطرة على قبائلها .ومن طريف ما يجده الباحث من اخبار آل مغيرة انهم في منتصف القرن التاسع الهجري ـ في سنة 851 ـ وقع بينهم صدام ، بل ملاقاة وحرب ـ (وتناخوا) هم والفضول على مبايض ، فنجا منهم الفضول بمكيدة وخدعة .وهذا يدل على ان انفصالهم عن الفضول كان متقدما على ذالك الزمن .ولكنهم عندما تكون الحرب بينهم وبين قبيلة اخرى يسيون على طريقة (انا وابن عمي على البعيد) كما حدث في بعض ما وصل الينا مدونا من اخبارهم .وفي سنة 856 ـ قام آل مغيرة بغارة على قبيلة عنزة ، في مبايض ، فلم يحافهم الحظ ، فهزموا وتل رئيسهم لاحم بن مدلج الخياري .ويظهر ان آل مغيرة في القرن التاسع الهجري بلغوا عنفوان قوتهم ، بحيث لم يقتصر خطرهم على بوادي نجد .جاء في كتاب (تحفة المشتاق) ـ في ذكر حوادث سنة 866 ـ : وفي هذه السنة غزا زامل بن جبر ملك الاحساء والقطيف ، ومعه جنود كثيرة ، من الحاضرة والبادية ، وتوجه الى نجد ، وصبح آل مغيرة ، وسبيع ، واخذهم .وكان آل مغيرة قد اكثروا الغارات على بوادي الاحساء والقطيف ، ثم توجه الى الخرج ، واقام فيها نحو عشرة ايام ، ثم رجع الى وطنه . انتهى .ولعل اقوى القبائل التي كانت تتصدى لواجهة آل مغيرة قبيلة عنزة ، فقد قتلوا شيخهم شيخ آل مغيرة وطبان الخياري سنة 870 ولكنهم انتقموا منهم ، فأخذوا قافلة لهم سنة 876 قادمة من الاحساء ، اخذوها بقرب (ابو جيفان) وقافلة اخرى في سدير سنة 888 ، وقتلوا في قافلة ثالثة اخذوها في العارض من مشاهير عنزة سهاج بن جفين وشخبوط بن عقل بن زايد سنة 919 .ويظهر ان تعديهم على نهب القوفل اثر في الوضع الاقتصادي في شرق الجزيرة حيث يعيش سكان هذه الجهة على محصول الزراعة من التمر والازر فأعاد حكام الاحساء الكرة لتأديبهم . ففي سنة 916 ـ على ما قال صاحب (تحفة المشتاق) ـ : عدا اجود على آل مغيرة ، وهم على عقرباء ، فأنذروا به فهربوا فاتوه ، فرجع الى الخرج ، واقام فيه اياما ، فأركب له آل مغيرة ، يطلبون الصلح ، فصالحهم .وسبق هذا تصديهم لقوافل قادمة من الاحساء ، ولكنهم لم يدوموا على الصلح ، ففي سنة 939 نهبوا قافلة لاهل الخرج ، قادمة من الاحساء فيها من الاموال والامتعة شيء كثير ـ كما يقول صاحب (تحفة المشتاق) وتستمر المجاولات بين آل مغيرة في القرن العاشر وبين بعض القبائل التي يظهر انها حديثة العهد في قدومها من بلادها في جنوب الجزيرة ، وهي قبيلة الدواسر ، وينضم الى آل مغيرة ابناء عمومتهم آل كثير ، وقبيلة سبيع العدنانية ، في (مناوختهم) لدواسر خمسة عشر يوما في العرمة ايام الربيع من عام 967 ، فتكون الدائرة لهم .ثم يستعين الدواسر بآل مسعود من قحطان فيناوخون آل مغيرة الذين ينضم اليهم مع قومهم الاولين قبيلة السهول ، في سنة 980 على الحرملية ، فتنتهي (المناوخة) بعد ان تتجاوز عشرين يوما بهزيمة الدواسر ، وقتل عدد من مشاهيرهم ، منهم سعود بن صلال وزبن ابن رجا ، وعايض بن عفنان ، ويقتل من آل مغيرة جساس بن عمهوج ومناوخة اخرى اطول زمنا ، واكثر عددا ، في اخر القرن العاشر ـ سنة 999 ـ يرويها صاحب كتاب (تحفة المشتاق) على هذا النحو : في هذه السنة تناوخ الدواسر هم وآل مغيرة في الخرج ، ومع الدواسر جنب من قحطان وآل روق من قحطان ومع آل مغيرة سبيع والسهول وآل كثير وآل صلال من الفضول ، وزعب .واقاموا في مناخهم اكثر من شهر يغادون القتال ويراوحونه طرادا على الخيل ، واكلت الابل اوبارها من اطول المناخ .ثم انهم التقوا ، واقتتلوا قتالا شديدا ، وصارت الهزيمة على الدواسر واتباعهم وغنم منهم آل مغيرة ومن معهم غنائم كثيرة ، وقتل وممن قتل من مشاهير الدواسر خلف بن عصاي شيخ المساعرة ، ورميح ابن فهيد شيخ الشكرة ، وخليف بن عداي شيخ الغييثات .ومن قحطان مرزوق بن معيض وعيد بن سعيدان وراجح آل مسعود .ومن آل مغيرة راضي بن هزاع ومخلف بن سرور .وم سبيع جبر بن قاعد ، وعلي بن سمحان .ومن السهول مغضب بن بشر .ثم يبرز لآل مغيرة عدو قوي ، هو شريف مكة الذي نازلهم في عقر دارهم على عقرباء في سنة 1063 ولم يفصل راوي الخبر ابن بشر النتيجة ، ولاشك انها من الاسباب التي اوهت قوة هذه القبيلة .ثم نراها ـ بعد ذالك ـ بعدما كانت تستعين بقبيلتي سبيع والسهول في حربها الدواسر ، تشن الحرب على هاتين القبيلتين ، فتناوخهم في الحيسية سنة 1073 فتهزمهم واغرب من هذا ان في سنة 1098 جرت وقعة بين آل مغيرة ، وآل عساف من آل كثير ، على حد قول الشاعر :واحيانا على بكر اخينا اذا ما لم نجد الا اخانا واذن فلا بدع ان يجد صاحب الاحساء محمد آل غرير الفرصة سانحة له في سنة 1098 فيصبحهم وهم على الحاير ـ حاير سبيع في العارض ومعهم عائذ ، ثم يصبحهم صباحا اخر في الصيف ، وهم في حاير المجمعة . فتكون النتيجة بعد قتل رئيسهم وعدد كثير منهم ان تلاشت قوتهم ، بحيث تختفي اخبارهم ـ فيما بين ايدينا مما هو مدون من الاخبار ـ فجأة ، سوى ما يدور على السنة العامة ، مما هو اقرب الى الخيال منه الى الحقيقة ، كأخبار عجل بن حنيتم شيخ آل مغيرة واشعار ابنته شماء .وقد يكون لذالك اصل ، ولكن ليس على ما يروى من المبالغات .ولاتزال كثير من الاسر تنتمي اليهم ، ممن تحضر وانتشر في قرى نجد ، بعد انتقال باديتهم الى العراق .ويروى ان اشهر بطونهم كان يحل عالية نجد ، الشعراء وما حولها من المياه ز ولهذا فتذكر الروايات المتناقلة ان آل حمود ينتمون الى عجل ابن حنيتم ، الذي يروون ان له قصرا في الشعراء ذا اثار باقية ، ومن آل حمود تفرقت اسر كثيرة في قرى نجد .

المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 787

,