قناعات

من قبيلة السهوليقول الأستاذ بدر خالد البدر مؤلف كتاب رحلة مع قافلة الحياة :إن تاريخ تواجد الجناعات أو القناعات على أرض القرين أو الكويت وفقاً للوثائق المكتوبة والأدلة الملموسة الثابتة ، تشير إلى تواجد هذه الجماعة في القرين أو الكويت قبل أكثر من مائتي عام . ونظراً لندرة الوثائق المكتوبة في تلك الأيام ، فمن الصعب الجزم بتاريخ تواجدهم في هذا المكان ، وهل هم كانوا ضمن المجموعة العتبية التي جاءت إلى المنطقة ، أم أنهم كانوا فيها قبل ذلك . فالمنطقة لم تخلو من السكان منذ أقدم العصور ، حتى أن الرحالة الدانمركي الألماني الأصل ‘كارستون نيبور’ وكان جغرافياً ورساماً بارعاً ، الذي رسم خارطة الخليج عند زيارته للمنطقة عام 1765 ، وذكر اسم الكويت والقرين على نفس المكان ، وأشار إلى (خرائب الجهراء) وهذا ما يدل على أنها مدينة قديمة كانت آهلة بالسكان ، وربما هجرها أهلها إلى مكان آخر قريب لسبب من الأسباب ، مثل الحروب أو الأوبئة مثل الطاعون الذي كان يعاود هذه المنطقة بين حين وآخر ، ويقضي على معظم السكان ، والجهراء والكويت أو القرين أسماء لمسمى واحد والذي يدل على المنطقة وما جاورها . وهناك من يقول : أن كاظمة هي الجهراء.إن من يمر على المنطقة التجارية باتجاه البنك المركزي ، سيرى على يساره إذا اتجه غرباً مسجداً أسسه ياسين القناعي 1784 يسمى (مسجد سرحان) نسبة إلى مؤذنه وإمامه المسمى سرحان ، وسيرى المار أمام باب المسجد قطعة من الرخام مكتوب عليها بأن ياسين هذا كان على جانب من الثراء ، وقد كتب عنه الشيخ يوسف بن عيسى ، وذكر أنه يملك آباراً للماء العذب في طريق الجهراء ، ومروى آخر بالقرب من الشامية ، ونخل آخر جنوب غربي كاظمة ، يسمى (قصر ياسين) ، ثم يذكر عن بيته فيقول : إنه البيت الذي يملكه (الآن) فاضل بن سليمان الدعيج ، أما نسله فذكر الشيخ يوسف ، أنه لم يبق منهم أحد سوى امرأة عجوز – نقلاً عن كتاب صفحات من تاريخ الكويت – فمن تاريخ إنشاء هذا المسجد قبل أكثر من مائتي عام ، يتبين لنا أن ياسين الجناعي قد عاصر عهد الشيخ صباح الأول ، الذي يعتقد أنه توفى في عام 1762 – 1176هـ .كذلك يذكر الشيخ يوسف عن مخطوطة عثر عليها ، وقد اطلعت عليها أنا شخصياً وصورت الصفحة الأخيرة منها ، وهي بخط أحد أبناء الجناعات ، الذي ختم الكتاب أو المخطوطة بهذه العبارة ‘تم الكتاب بحمد الله وحسن توفيقه على يد الفقير عثمان بن علي بن محمد بن سري الجناعي نسباً والشافعي مذهباً والقرين مولداً وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمداً وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين’. وقد علق الشيخ يوسف على بعض صفحات الكتاب كقوله : ‘عثمان كاتب هذا الكتاب هو أخو جدنا الثالث ، وهو سلمان بن علي بن محمد بن سري ، وجدنا الثاني هو حسين وجدنا الأول هو محمد ، كتبه يوسف بن عيسى بن محمد بن حسين بن سلمان بن علي بن محمد بن سري القناعي في 19 ذي الحجة سنة 1347هـ ‘ . ومعنى هذا ، أن عثمان الذي ذكر مكان مولده في القرين ، أي قبل أن تغلب التسمية الحالية. (الكويت) ويعتقد الشيخ يوسف أن مولد عثمان هذا كان سنة 1180هـ . أي أنه عاصر فترة حكم الشيخ عبد الله الأول ، أما تسمية (القرين) للكويت ، فقد كانت متداولة حتى أيام الشيخ عبد الله بن صباح ، كما ورد ذلك في تقارير شركة الهند الشرقية وعلى كثير من الخرائط التي رسمت في تلك الأيام .والسؤال المهم الآن ، هو من أين أتى الجناعي أو القناعي ؟ وعلى ضوء ما ذكرت سابقاً ، فليس من السهل تتبع مسيرة الجناعات أو غيرهم في ذلك الماضي البعيد والتاريخ المجهول بالنسبة للمنطقة التي كانت ترزخ تحت وطأة الجهل والتخلف وفي وقت شحت فيه المصادر المكتوبة . لذلك ، فإن الباحث عندما تقع يده على شيء مكتوب يعود إلى تلك الفترة التي اكتنفها الغموض ، فكأنه قد عثر على كنز لا يقدر بثمن ، بالنظر لأهمية تلك المعلومات المدونة في تاريخ الشعوب والأفراد على السواء .وللإجابة على السؤال حول (الجناعات) ومن أين أتوا ، فأود أن أذكر الآتـي :أولاً – ثبت وجودهم في القرين أو الكويت منذ بداية تأسيسها في مطلع القرن الثامن عشر ، كذلك فإن منازلهم في وسط المدينة ، وبالقرب من منازل الأسرة الحاكمة (آل الصباح) تؤكد ذلك بما لا يدع مجالاً للشك حيث أن موقع الحاكم كان أهم مكان في المدينة .ثانياً – توجد مجموعة منهم في منطقة الوشم في نجد ، ينتمون إلى قبيلة السهول وهم موجودون حتى يومنا هذا ، ومن الأشخاص الذين جاء ذكرهم في الماضي هناك ، محمد بن بناق الجناعي ، وابن عمه محمد بن أحمد الأيوب الجناعي الذي رحل إلى الكويت واستقر بها ، وله أحفاد وأقارب كثيرون على قيد الحياة . لذلك فمن المرجح أن تكون هجرتهم الأولى من نجد كما حصل لغيرهم حيث أن شبه جزيرة العرب هي المنطلق لجميع الهجرات العربية ما ابتعد منها أو اقترب .هذا ونشكر استاذنا الفاضل بدر خالد البدر على هذه المعلومات الطيبة والرحلة الموفقة بإذن الله .

المصدر :
كتاب : انساب الاسر والقبائل في الكويت
تأليف : د. احمد عبدالعزيز المزيني
الصفحة : 0

,