دواسر

قبيلة ـ كغيرها من القبائل العربية الكبيرة ـ مؤلفة من فروع لايجمعها جد واحد .فقد كانت بلادها عند ظهور الاسلام من منازل بني جرم من قضاعة ، فكان الوادي يعرف بعقيق جرم ، فامتدت فروع من قبيلة عقيل بن عامر من قيس عيلان من عدنان ، فزاحمت جما في بلادها ، فعرف الوادي ـ ايضا عقيق بني عقيل .وفي عصور مجهولة ـ في العهد الاسلامي ـ نزحت فروع من الازد ومن همدان من اليمن فحلت في الوادي ، منها من همدان من مرهبة الدوسر ـ واحدهم دوسري ، وكان لهؤلاء ذكر وشهرة ـ على ما جاء في الجزء العاشر من كتاب ((الاكليل)) للهمداني .اما الازديون فان خبر عامر (الملطوم) الذي لايزال بعض سكان الوادي من الدواسر ينتاقلونه ـ من الاخبار المشهورة عند قدماء المؤرخين ، وقد ذكره بهذا الاسم منهم العالم اليمني نشوان بن سعيد الحميري في كتابه اللغوي ((شمس العلوم)) .وهناك فروع من قبائل عدنانية انضوت تحت اسم الدواسر ، فاصبحت معدودة منها وهذا مما يتناقله المعاصرون حتى الان ، وخاصة بالنسبة الى التغالبة (تغلب) كما تقدمت الاشارة الى ذالك عند ذكر هذا الاسم ، ولكن ليس كل مايتناقل العامة من الاخبار صحيحا ، فهم ـ من قبيل المثل ، يعدون بني صهيب من تغلب ، وقدماء علماء الانساب ذكروهم من بني قشير من قيس عيلان من مضر ، من سكان الافلاج القدماء .ومما ذكره المتقدمون ايضا ان الدواسر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم سكان شرق الجزيرة بعد ظهور الاسلام ، ونقل صاحب ((تاج العروس)) ان بني سعد كانت تلقب في الجاهلية دوسر ، وذروا ان للنعمان ملك العرب في الحيرة باطراف العراق كتيبة تعرف باسم (الدوسر) من تغلب وغيرهم .ورايت في الاوراق التي وجدت في اوراق الشيخ صالح العثمان القاضي المتوفى سنة 1350 والتي تكرر النقل عنها ، والرمز اليها بحرف (ق) ما هذا نصه : المعروف عند من له معرفة من الدواسر في انسابهم ان اولاد بدران بن زايد اثنان : سالم وصهيب .واولاد سالم ثلاثة : ودعان جد الوداعين ، ومانع جد المخاريم ، ورجب جد الرجبان .واولاد صهيب اربعة : جري جد المساعرة وآل بريك وآل (بوزمام) ، وحسن وموسى وعيسى واولاد حسن بن صهيب ثلاثة ، وهم : شكر وعمار وفرج .وكل واحد منهم جد قبيلة .فشكر جد الشكرة ، وهم آل (ابوعلي) والعاثنا والغرابا والمفارحة ـ بالحاء المهملة ـ والجرووه (كذا والبردة والحنابجة .واما عمار بن صهيب فهو جد آل عمار ، وهم آل قينان ، والنشير ، وآل مبارك ، والشواهين ، وآل بتير ، والسواحلة ، والدغمة .واما فرج بن صهيب فهو جد الفرجان ، وهم : الصخابرة ، والهواملة والهوشلة ، والخضران ، والوبارين ن والحراجين ، والعجالين اهل ليلا ، وآل حمدان ، وىل (بوراس) والحداجين ، وآل حجي .واما موسى بن صهيب فهو جد الغييثات .واما عيسى بن صهيب فهو د الشرافا .ويقولون : ان اولاد حسن بن جري بن صهيب اثنان سباع ، جد آل (بوسباع) وحسن جد آل (اباالحسن) عشيرة ابن قويد .ويقولون : ان الخييلات والمشاوية والعمور والحقبان ، والمصارير انهم من تغلب . وانهم يجنمعون مع الدواسر في دوسر ، فالله اعلم .انتهى .ومع احكام هذا التفريع لافخاذ الدواسر وبطونهم الا انه لايتفق مع ما هو معروف من عدم صلة الابوة وقرابة النسب بين تلك البطون فلا يزال بعض الدواسر انفسهم ينتسبون الى تغلب العدنانية ، اتفتقهم على ان الاصل في قبيلة الدواسر يرجع الى الازد الحطانية .والحديث في ارجاع كل فرع من فروع القبائل العظيمة في هذا العهد ، عديم الجدوى ، لعدم المصادر التي يصح الاعتماد عليها .وهذا لايختص بالدواسر ، بل يعم جميع القبائل العربية في الجزيرة ، باستثناء قبائل صغيرة لم تغادر مواطنها القديمة ، ولم يخالطها احد في سروات الحجاز خاصة .وكانت جريدة ((الجزيرة)) التي تصدر في مدينة الرياض قد نشرت في عددها الصادر يوم الجمعة 11 رجب 1401هـ حديثا لاحد اهل المنطقة الشرقية فهم منه ان الدواسر في المنطقة الشرقية لاصلة لهم من حيث النسب بالدواسر ، سكان الوادي المعروف بهم ، فاثار استنكار الدواسر في المنطقة ، فكتب الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري في تلك الجريدة في عدد يوم الاثنين 21 رجب سنة 1401هـ مقالا مطولا يستنكر ماجاء في ذالك دليلان اولهما ان العم محمد بن راشد الدوسري قد اوقف وقفا 1354 واسماه وقفا لوالدي راشد بن جبر الدوسري العمري ، واعرض مع هذا صورته (ونشرت الجريدة الصورة) .والدليل الاخر ماذكره الشيخ حمد الحقيل في كتاب ((كنز الانساب)) ـ ص 130 ـ الطبعة الخامسة .الى ان قال : (فنحن كتلة واحدة اصلنا من الوادي ، وابناء عمومة) .ونشرت الجريدة ايضا في يوم الثلاثاء 22 رجب 1401 مقالا بتوقيع محمد بن يوسف الدوسري قال فيه : (فدواسر المنطقة الشرقية يعود اصلهم الى الوادي) ونقل نصوصا من كتاب ((دليل الخليج)) منها (ص 3727) : اقام الدواسر فيها عدة سنين (يقصد جزيرة الزخنونية الواقعة على بعد عشرة اميال في الجنوب الشرقي من العقير) عند هجرتهم من نجد الى البحرين وفي ص 576 : ( دواسر البحرين هاجروا من نجد ، بنما تحولوا نحو الشرق تدريجيا ، بعد ان قضوا سنين عديدة في الطريق ، عند جزيرة الزخنونية ، واخيرا وصلوا الى البحرين عام 1845م وحوالي ثلاثين عائلة من القبيلة يقيمون الدوحة قطر ، وربما نفس العدد يقيم في الكويت ، وتوجد شعب من دواسر البحرين في منطقة الساحل الايراني ـ الى ان قال نقلا عن ذالك الكتاب : وبض هؤلاء في البحرين بنتمون الى قسم يعرف بالدموخ الذين يذكرون انهم ينتمون الى حسن ، من نفس القبيلة وذكر الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري ان الدواسر نزحوا من البحرين يوم 1341/11/27هـ الى الخبر والدمام ـ واوضح سبب نزوحهم في جريدة (الجزيرة) ((العدد 3205 يوم الاثنين 21 رجب سنة 1401هـ) انتهى .ومما يعترض الباحث مما لايجد له مصدرا ملخصا يعول عليه تحديد ازمان انتقال فروع القبائل من بلادها القديمة ، وتفرقها ، فمع ان موطن الدواسر المعروف الان هو واديهم الذي عرف بهم ـ الا ان كثيرا من فروعهم انتشروا في نجد ، في سدير ، وفي القصيم ـ غير الفروع الكثيرة في شرق الجزيرة .ويرى الشيخ عبدالله البسام في كتابه ((علماء نجد)) ان من المعروف ان جميع بطون وافخاذ الدواسر المنتشرة في مدن وقرى نجد ، ترجع الى جد واحد ، هو غانم بن ناصر بن ودعان بن سالم بن زايد ابن زياد بن سالم بن وداعة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امريء القيس من الازد .وبصرف النظر عن سلسة هذا النسب فرأى الشيخ عن رجوع الفروع الى اصل واحد له ما يقويه وخاصة الوداعين ـ اي بالنسبة لمن ينتسب الى ودعان من تلك الفروع .اما المتسبون الى (البدارين) ممن لم يرد لهم ذكر في كلام الشيخ فهم ـ على ما يتناقله النسابون ـ ابناء بدران بن زايد ، وبدران على قولهم له ابنان سالم وصهيب ، وسالم هو ابو ودعان ، ومنهم اسر كثيرة شهيرة معروفة .ويظهر من تتبع احداث الاسر الدوسرية في نجد ـ على قلة ما دون منها ـ ان تاريخ انتقال اول من عرف منها الى نجد ، لايتجاوز خمسة قرون ، مع عدم الجزم بتحديد الزمن .وسيمر بالقاريء طرف مما عرف من احداث تلك الاسر عند ذكرها .

المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 237

,