قبيلة بني خالد من اشهر قبائل الجزيرة ، عدنانية الاصل ،وهي كغيرها من القبائل العربية مازجتها افخاذ كثيرة من قبائل اخرى بريق الحلف والاحتماء بقوتها ، ذلك انها كانت في القرنين التاسع والعاشر الهجريين ، بل الى منتصف القرن الثاني عشر ، كانت تسيطر على نجد ، من عهد الدولة الجبرية الى آل غرير فآل عريعر ، ولهذه الحكومات اخبار مفصلة لايتسع المجال لذكرها .وبنو خالد كانوا في الاصل من القائل الرحل ، وقد تحضر عدد كثير منهم ، وانتشروا في الاحساء في مختلف قراه ، وفي القصيم وفي الوشم وفي سدير وفي الخرج .ويظهر ان القسم الذي كان يعيش من هذه القبيلة في نجد دخل تحت سيطرة قبيلة بني لأم ، والفضول ، عند اشتداد شوكة هاؤلاء وقوتهم واتساع نفوذهم في القرن الثامن الهجريوما قبله بيسير ، ذالك اننا نجد ان فضل اله العمري في كتابه ((مسالك لابصار)) وهو يتحدث عن القبائل التي تنضاف الى آل فضل يعد منهم من بني خالد آل جناح والضبيبات من مياس والجبور والدعم والقرشة وآل منيخر وآل بيوت والمعامرة والعلجات .ونجد القلقشندي وهو يتحدث عن منازل بني خالد فيكتابه ((قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان)) يقول : بنو خالد دارهم التنومة ، وضيدة وابو الديدان ، والقريع ، وضارج ، والكوارة ( القوارة) ، والنبوان ، الى ساق العرفة ، الى الرسوس ، الى عنيزة الى وضاخ ، الى جبلة السر ، الى العودة (؟) الى العشرية (؟) الى الانجل . ومثل هذا في كتاب ((مسالك الابصار)) .ويذكر القلقشندي في كتابه ((نهاية الارب في انساب العرب)) ان آل جناح بطن من بني خالد من عرب الحجاز ، ذكرهم الحمداني ، وعدهم في حلف مع آل فضل .غير ان بني خالد هاؤلاء مالبثوا ان سيطروا على وسط نجد وشرق الجزيرة فنجد الشاعر العامي جعيثن اليزيدي من اهل الجزعة قرب المصانع وهو يرثي مقرن بن اجود بن زامل وهذا من الجبور من بني خالد فيقول :و(نجد) رعا ربعي زاهي فلاتها على الرغم من سادات (لأم) و (خالد) وسادات (حجر) من (يزيد) و (مزيد) قد اقتادهم قود الفلا بالقلايد واتساع نفوذ هذه القبيلة ـ كما قلنا انفا ـ سبب انتشارها ودخول افخاذ كثيرة فيها ، وتلك عادة كل قبيلة عربية تكون لها صولة وقوة في زمن من الازمان ، ينطبق هذا على كل القبائل العربية بدون استناء .بقى الحديث عن صلة هذه القبيلة بمدينة عنيزة حيث يوجد عدد من الاسر الخالدية فيه هذه المدينة سنذكر فيما بعد .يظهر ان امتداد نفوذ بني خالد في عنيزة كان بعد لقرن التاسع الهجري بزمن يسير ، ذالك اننا نجد ان نفوذ في هذه البلدة في اول القرن التتاسع لقبيلة (لام) كما يفهم من خبر اورده مؤرخ مكة العلامة تقي الدين الحسني الفاسي قال : (في سنة 822 توجه العلامة عمدة المقرئين شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي الشافعي ـ توجه من شيراز مريدا للحج فعرض له بنو لأم بقرب عنيزة فنهبوا ما معه من التحف التي استصحبها هدية لاعيان اهل الحرمين ، وتاخر بعنيزة لتحصيل كتبه وترقيع حاله ، فلما ظفر بكتبه توجه قاصدا للمدينة النبوية ، فنبه بعض بني حسن ايضا ، وتوصل الى المدينة في شهر صفر سنة 823هـ) .ومما يؤسف ان تاريخ مدن الجزيرة وقراها لم يدون بطريقة متصلة صحيحة ، ولهذا فليس من استطاع معرفة الذي يبدأ به نفوذ بني خالد قوى في بلدة عنيزة ، غير اننا نجد فيما دون من اخبار هذه المدينة ، انها كانت في القديم تتكون من محلات ، كل محلة من فصلة عن الاخرى وكان من تلك المحلات : 1ـ الجناح ، 2ـ الضبط ، 3ـ الخريزة ، 4ـ العقيلية ، ومحلة الجناح هي اكبر محلة في تلك البلدة ، وقد سميت باسم سكانها آل جناح من بني خالد . ويفهم من كلام الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع ت رحمه الل ـ ان تلك المحلة عمرت في القرن السابع الهجري ، وان امارة تلك المحلات الى مايقرب من القرن العاشر كانت لآل جناح ، ويقول الاستاذ عبدالعزيز بن محمد القاضي في قصيدته ((العزيزية)) : تأسست عنزة في اخر القرن السابع الهجري . واول ما تأسس منها قسمها الشمالي المعروف باسم (الجناح) اسم القبيلة التي نزلته ، وتنتمي الى الجبور من بني خالد .ومن فروع بني خالد : 1ـ الجبور : ومنهم آل مقدام ، وبنو نهد ، والبيوتات ، والعماير ، وآل صبيح .والعماير ويدعون العمور ايضا منهم الدواودة وآل حسن ومن فروع آل صبيح : آل يحيا والمخازيم والزبن .2ـ المهاشير: ومن بطونهم آل كليب وآل ثنيان وآل عقيل وآل عبيكة وآل علي .3ـ القرشة .4ـ آل حميد ومنهم آل عريعر امراء الاحساء فيما مضى .هذه اشهر فروع القبيلة في الجزيرة ، ولها فروع كثيرة اخرى منتشرة في العراق والشام اما بلاد البادية من بني خالد ، فكحانت تمتد على امتداد ساحل الخليج العربي ما بين وادي المقطع شمالا الى رف البياض جنوبا ، وتمتد غربا الى الصمان . ثم تلاشت البادية من هذه البلاد بعد نزحت فروع كثيرة من بلاد بني خالد الى خالج الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري .ومما ينبغي ملاحظته من اصل قبيلة بني خالد ، انها كغيرهم من فروع القبائل الاخرى خالطتهم فروع من قبائل مختلفة ، ومن امثلة ذالك :1ـ العمور : هاءلاء اصلهم من عبدالقيس ، وعبدالقيس كانوا المسيطرون على الاحساء الى حوالي القرن السابع الهجري ، والعمور من عبدالقيس هم بنو الديل وبنو عجل وبنو محارب هاؤلاء بنو عمرو ابن وديعة بن لكيز بن افصا بن عبدالقيس .2ـ الجبور : هم بقية حكام الاحساء في القرن الثامن والتاسع واول العاشر ، وهم من بني عقيل من عامر وقد ذكر ابن فضل الله ـ فيما نقل عن الحمداني ـ ان بني عامر سكان البحرين ليسوا من عامر قيس عيلان ، وتكرر ذكرهم في ((شرح ديوان ابن مقرب)) باسم (عامر ربيعة) فهم على هذا من عامر عبدالقيس .3ـ القرشة : يقال انهم من عبيدة من جنب ، من قحطان .4ـ المهاشير : يقال انهم يرجعون الى قبيلة بني هاجر ، القحطانية النسب .وعلى وجه الاجمال فبنو خالد كما قال الشيخ احمد بن مشرف الاحسائي :ولاتنس جمع الخالدي فانه قبائل شتى من عقيل بن عامر ويضاف الى هذا ان هذه القبيلة لم تكن معروفة في العهد الجاهلي .ولا في صدر الاسلام ، بل هي ككثير من القبائل التي عرفت في جزيرةالعرب في الازمنة الاخيرة ن مثل قبيلة مطير ، وقبيلة عتيبة ، مغيرهما من القبائل ، وانما بدأ ذكرها ينتشر منذ القرن العاشر الهجري وما بعده ، اي بعد ان كان لبعض افخاذها قوة وشوكة ونفوذ في شرق الجزيرة ، اقول هذا من قبيل تقرير واقع عرفته ، لا للمساس باي جانب من جوانب قبيلة اعتز بالانتساب لها من جهة الخؤولة ، فاخوالي آل سالم من السيايرة من الجبور ، ولكن الحق احق بان يتبع . وكنت نشرت مقالا في ((العرب)) قلت فيه ان اكثر فروع القبيلة تنسب الى عامر بن صعصعة توهما مني ان بني عقيل من عامر بن صعصعة القبيلة المعروفة ، ولكن اتضح لي ـ فيما بعد ان عقيلا هاؤلاء من عامر ربيعة ـ اي من العمور من عبدالقيس من بني اسد بن ربيعة ابن نزار ـ لاعقيل بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ـ من قيس عيلان من مضر بن نزار .ومما تجب ملاحظته ما ذكره الهمداني في ((صفة جزيرة العرب)) من تداخل انساب القبائل بسبب الاتفاق في الاسم قال : (وكذالك سيل كل قبيلة من البادية تضاهي باسمها اسم قبيلة اشهلر منها فانها تكاد ان تتحصل نحوها ، وتنتسب اليها) .ولهذا فليس من المستطاع القول بان خالدا الذي تنتسب اليه هذه القبيلة جد لفروع تجتمع في نسب واحد .ونجد في اخبار الحجاز في القرن العاشر الهجري ذكرا لمناوشات جرت بين بني خالد (في سنة 910 وفي سنة 989) وبين اشراف مكة . ولاشك ان هاؤلاء غير بني خالد الذين نتحدث عنهم ، لان هؤلاء ينزلون جنوب مكة ، ومن نتحدث عنهم كانوا ـ في ذالك العهد شرق الجزيرة ووسطها .وهاهو طرف من اخبار بني خالد حين كانت لهم قوة ونفوذ في شرق الجزيرة وفي نجد حتى زالت تلك القوة ، وتفرقت القبيلة ، وهاجرت فروع كثيرة منها الى خارج الجزيرة ، كما حدث لاسلافهم من الجبرين .في سنة 1082هـ وقع اختلاف بين بني خالد وحصل بينهم قتال قتل فيه عدة رجال وممن قتل من مشاهيرهم محمد بن حسين بن عثمان ابن مسعود بن ربيعة آل حميد .وفي سنة 1088هـ حدثت الوقعة المشهورة بين بني خالد وتسمى وقعة هدية حصل بينهم قتال شديد فيه عدة رجال منهم ساقان بن خلف شيخ آل مانع .وفي سنة 1166 ـ قال ابن بشر : فيها وقعة السبلة ـ موضع معروف بين الزلفي والدهنا ـ وهي على الظفير من بني خالد ، وذالك ان بني خالد ساروا اليهم وقائدهم عبدالله بن تركي بن محمد بن حسين آل حميد ، فواقعهم ، وصارت على الظفير هزيمة ، واخذوا عليهم نعما كثيرة وقيل : انها بعد دخول السابعة . انتهى .وفي سنة 1195 ـ صال سعدون وبنوخالد مع جديع بن هذال رئيس الحبلان من عنزة ، على عربان الدهامشة ، ورئيسهم مجلاد بن فواز ، وتنازلوا وتقاتلوا ، وصارت الكرة على الدهامشة ، واخذوا حلتهم . ثم ان الدهامشة اجتموا ببوادي مطير ، وقصدوا عنزة وبني خالد ، فاتقت الجموع ، واقتتلوا قتالا شديدا فقتل من قوم سعدون وجديع عدة رجال ، ثم رحل عنه سعدون ورجع ، فقام جديع واستنجد جميع قبائل الظفير وآل حبلان وغيرهم من قبائل عنزة .وصال بهم على مطير ، فادال الله خيل مطير على عنزة ، فهزموهم ، وقتل من رؤساء عنزة وفرسانهم عدة رجال ، منهم جديع بن هذال واخوه مزيد وضري بن ختال وغيرهم .سنة 1200 ـ قال ابن بشر ايضا : وفي سنة 1200 كانت وقعة جضعة وذلك ان رؤساء المهاشير من بني خالد وآل صبيح اتفقوا مع عبدالمحسن بن سرداح آل عبدالله ودويحس بن عريعر على عداوة سعدون رئيس بني خالد وحربه ، فاستنجدوا ثويني بن عبدالله شيخ النتفق واستنصروه ، فاقبل اليهم بجموعه وتنازلوا مدة ايام وقتل بينهم قتلى كثيرة ، وصارت الكرة على سعدون ومن معه فانهزموا واستولى دويحس في بني خالد والامر والحل والعقد بيد عبدالمحسن المذكور .فلما لم يجد له سعدون ملجأ هرب الى الدرعية واناخ عند عبدالعزيز بن محمد بن سعود فاعظمه واكمه واعطاه عطاء جزيلا .سنة 1204 : غزا سعود بن عبدالعزيز ومعه زيد بن عريعر آل حميد وابن صويط شيخ الظفير وقصدوا بني خالد وشخهم اذ ذاك دويحس بن عريعر وعبدالمحسن بن سرداح فصبحوهم واخذوهم وانهزم دويحس وعبدالمحسن الى المنتفق ، وقتل في هذه الوقعة عدة رجال من الفريقين واستعمل سعود زيد بن عريعر اميرا على بني خالد ثم رجع الى وطنه .سنة 1207 : فيها غزا سعود بن عبدالعزيز ومعه جنود كثيرة من الحاضرة والبادية وصبح عربان بني خالد في الشيط وهو موضع معروف قريبا من وبرة واخذ منهم وقتل منهم مقتلة عظيمة قيل : ان عد القتلة في هذه الوقعة نحو الف رجل وتسمى وقعة الشيط ، ولم يقم لبني خالد بعدها قائمة وزالت ولاية آل حميد بعدها عن الاحساء والقطيف استقلالا .سنة 1233 ـ بعد وقعة الدرعية ورحيل ابراهيم باشا من نجد عاد محمد وماجد ابنا عريعر الى الاحساء بعد خلوها من العساكر المصرية .فكانا فيها ، واخوهما سعود ـ وكان ضرير البصر في القطيف .فحكموا تلك البلاد .سنة 1238 ـ فيها خرج ماجد بن عريعر ، ومعه بنو خالد ، وقوم من عنزة ، رئيسهم مغيليث بن هذال ، وقوم من سبيع ، لغزو الدويش ، ومن معه من مطير والعجمان ، فالتقوا في الرضيمة ، فوقعت الهزيمة على ابن عريعر ومن معه . وممن قتل في هذه الوقعة شيخ عنزة مغيليث بن هذال ، وممن قتل قبيلة مطير حباب بن قحيصان ، وكان من دهاة الرجال ، مقربا لدى الامام سعود بن عبدالعزيز .سنة 1245 ـ وفيها وقعة السبية حين خرج حاكم الاحساء محمد ابن عريعر واخوه ماجد في بني خالد ومعهم فهيد بن مبارك الصييفي رئيس قبيلة سبيع ، وضويحي الفغم رئيس الصهبة من مطير ، ومزيد بن مهلهل بن هذال واتباعه من عنزة ، ومطلق بن نخيلان رئيس بني حسين ، وساروا لمحاربة الامام تركي وحدث اللقاء بقرب السبية شرق الدهنا ـ في يوم 27 زمضان ، فكان النصر للامام تركي وقومه ، وكانت هذه المعركة من المعارك الفاصلة في تاريخ بني خالد ، حيث هرب رئيسهم محمد بن عريعر الى العراق ، وهربوا ايضا وتفرقوا وزال نفوذهم من بلاد الاحساء .وتجدر الاشارة الى خطأ شائع منذ عصور قديمة وهو انتساب بني خالد الى خالد بن الوليد الصحابي الجليل ـ وخاصة فرقة يدعون بهذا الاسم كانوا في نواحي حمص ، حيث توفي خالد رضي الله عنه .وقد نص علماء النسب على انقطاع عقبه ، على ماذكر ابن فضل الله العمري في كتاب ((مسالك الابصار)) في الكلام على انساب العرب في عهده .
المصدر :
كتاب : جمهرة أنساب الاسر المتحضرة في نجد طبعة مزيدة ومنقحة
تأليف : حمد الجاسر
الصفحة : 187
,